تصوير المُنتجات هو ذلك التّخصص الذي يُعنى بالتقاط صور للمُنتجات التّجارية، بهدف منح العميل المُحتمل صورة بصريّة عنها، وحثّه -عبر التقاط صور جذّابة- على التّفكير في شرائها، تُستخدم صور المنتجات عادةً في مواقع التّسوق الإلكتروني، لكنّها أيضاً قد تُستخدم في كالتوجات المُنتجات والإعلانات والمواد التّرويجيّة وحتّى أدّلة استخدام المنتجات.
هل تصوير المُنتجات مُهمّ؟
الإجابة المختصرة: نعم. “إذا التقطت صورة جذّابة لمُنتجك، فقد قطعت أكثر من نصف الطّريق نحو بيعه عبر الإنترنت”، قد تبدو هذه المقولة مُبالغاً فيها جداً، لكن إليك بضعة إحصاءات من العالم الواقعي يجدر بك تأمّلها:
- يقول 90% من المشترين عبر الإنترنت أنّ جودة صورة المُنتج هي العامل الأكثر أهميّة في اتخاذ قرار الشّراء.
- 65% من الناس يعتمدون على التّعلم البصري، بمعنى أنّ الصّورة بالنّسبة لهم هي المصدر الأول للحصول على المعلومات.
- تصوير نفس المُنتج بشكل احترافي يرفع احتماليّة شراءه ثلاثة أضعاف مُقارنة بنفس المُنتج ولكن بتصوير مُنخفض الجودة
- يميل الأشخاص إلى تذكّر 20% فقط من المعلومات التي يستمعون إليها بعد ثلاثة أيّام، مُقارنةّ بـ 65% من المعلومات إذا تمّ عرضها عليهم مُقترنةً بصورةٍ عالية الجودة ذات صلةٍ بالمعلومة.
يتّضح ممّا سبق أن المقولة ليست مُبالغة على الإطلاق، وأنّ الاستثمار في تصوير جيّد هو واحد من أفضل الممارسات التّسويقيّة عندما يتعلق الأمر ببيع مُنتجات التّجزئة عبر الإنترنت.
تقنيات تصوير المُنتجات
هُناك عدد لا حصر له من تقنيات التّصوير للمُنتجات، لكن هُناك بعض التّقنيات المُستخدمة أكثر من غيرها، نوردها في النّقاط التّالية:
- الخلفية الصّامتة
أكثر تقنيات تصوير المُنتجات شيوعاً، ستجدها في المتاجر الإلكترونيّة والمواد الدّعائيّة وكالتوجات المُنتجات وغير ذلك. يتمّ تصوير المُنتج دون ظلال إطلاقاً، أو بظلال جانبيّة بسيطة من زوايا مُختلفة أمام خلفيّة صامتة بيضاء مُنحنية على الأغلب ليبدو المُنتج وكأنّه مُعلّق في الهواء. قد يتمّ تصوير مُنتج مُفرد بهذه الطّريقة، وقد تُضاف مجموعة من المُنتجات معاً للحصول على صورة جماعيّة لها.
- المُنتج مع عنصر معلوم
مُشكلة النّوع السّابق من الصّور أنّه لا يمنح المُستهلك تصوّراً عن حجم المُنتج، لذا قد يُضاف أحد العناصر معلوم الأبعاد إلى الصّورة (مثل عملة معدنيّة أو يد بشريّة أو بطاقة ائتمان) لمنح إحساس بحجم المُنتج من خلال الصّورة.
- المُنتج في الحياة الواقعيّة
مُشكلة تصوير المُنتج بخلفيّة صامتة هي أنّ المُستهلك لن يرى ما سيحصل عليه مصوَّراً في الحياة الواقعيّة، وبعض المُنتجات لا يُلائمها هذا النّوع من التّصوير. لذا يتمّ تصوير مُنتجات مثل الملابس والسّاعات والأكسسوارات القابلة للارتداء والمجوهرات والأثاث والأجهزة الإلكترونيّة في بيئة تُحاكي البيئة الطّبيعيّة لاستخدام المُنتج. يمنح هذا النّوع من التّصوير المُصوِّر حريّةً أكبر في تقديم إبداعه مُقارنةً بالتّصوير بخلفيّة صامتة. تسمح هذه الصّور أيضاً للمُستهلك بتخيّل أبعاد المُنتج عندما يُقارنه بعناصر أخرى معلومة الحجم موجودة في الصّورة.
- صور 360 درجة
تُستخدم هذه التّقنية لاستعراض المُنتجات الفاخرة كالسّاعات والمجوهرات والحقائب. وتحتاج لكاميرات خاصّة لتصويرها، يُمكن للمُستخدم التّفاعل مع الصّورة وتحريكها بأيّ زاوية أو وضع يُريده.
تذكر أنّك لست مُجبراً على حصر نفسك في هذه الأنواع، وأنك فنان قبل أن تكون مصوّراً للمُنتجات، وبالتالي أي فكرة مُختلفة عمّا سبق ترى أنّها قد تُسهم في إظهار المُنتج بشكل أكثر إبهاراً لا تستحق أن تحتفظ بها لنفسك، بل يتوجّب عليك تطبيقها ومُشاهدة النّتائج.
أي عدسة تستخدم؟
الإجابة المُختصرة: أيّ عدسة. استخدام كاميرا هاتف جوّال سيُنتج صور مُنتجات شبه احترافيّة إذا ما وُضع في يد مصوّرٍ خبيرٍ يستفيد من الإضاءة لصالحه ويختار زوايا التّصوير وموضعة المُنتج بعناية. أيضاً أي كاميرا DSLR بعدسة افتراضيّة (Kit lens) ستُنتج صوراً مُبهرة إذا ما استُخدٍمت بذكاء. لكن بالطّبع عندما تُريد نقل مهارتك في تصوير المُنتجات إلى مستوى اعلى ، ستكون بعض العدسات أفضل من غيرها.
في البداية، يجب توضيح أنّك لست بحاجة إلى كاميرا بإطار كامل (Full-Frame) للحصول على صور فائقة الجودة للمُنتجات، ظروف الإضاءة في الأستوديو ستكون أكثر من كافية لاستعمال كاميرا بمُستشعر مقصوص (Crop sensor)، وأيضاً لن تحتاج -في الغالب- لصور فائقة الحجم للمُنتجات (ما لم تكن صورك ستُعرض على لافتة طريق ضخمة مثلاً).
عدسات البرايم (Prime lens) مُفضّلة كثيراً عن عدسات الزّوم (Zoom lens) في تصوير المُنتجات، ﻷنّها ستمنحك صوراً أكثر حدّة، وأيضاً لا تُعاني الصّور المُلتقطة بها عيوب أو تشّوه كما يحدث عند استخدام عدسة زوم، في المقابل لن تحتاج إلى عدسة الزّوم ﻷن موضوع التّصوير سيكون قريباً منك وسيكون بُعده شبه ثابت في مُعظم الصّور التي تلتقطها.
وجود عدسة ماكرو في عُدّة تصوير المُنتجات خاصّتك مُهمّ جداً، خصوصاً إذا كُنت تعمل كثيراً في تصوير المُنتجات صغيرة الحجم كالمجوهرات والسّاعات والمُعدّات الإلكترونيّة الدّقيقة. تسمح لك عدسة الماكرو بالتقاط تفاصيل أكبر للمُنتج وإظهار مكامن جماله. لن تحتاج إلى عدسة ماكرو بتكبير أكثر من 1:2 لتصوير المُنتجات. كما أنّ مدى التّصوير لن يهم كثيراً ﻷنّك ستصوّر عناصر ثابتة، وعلى الأغلب ستُصوّرها في ظروف إضاءة يُمكن التّحكم بها تماماً، لكن امتلاك عدسة بمدى تصوير أكبر لن يكون سيّئاً.
الأكسسوارات المُساعدة
هُناك بضعة أكسسوارات شديدة الأهميّة، وأُخرى متوسّطة، عندما يتعلّق الأمر بتصوير المُنتجات، إليك أهمّ هذه الأكسسوارات مُرتّبة من الأهم للأقل أهميّة:
- الترايبود
لا غنى عن استخدام الترايبود في تصوير المُنتجات، يسمح لك الترايبود بالحصول على صورة أكثر ثباتاً، والأهمّ من ذلك، أنّه يُساعدك على إنتاج صور مُتّسقة عندما تكون مُطالباً بتصوير عدد كبير من المُنتجات لعميل واحد. تثبيت الكاميرا في وضع واحد والحفاظ على نفس زاوية التّصوير، وتغيير المُنتج، سيؤدي للحصول على صور مُتشابهة ومُتّسقة لجميع المُنتجات، وهو ما لا يُمكن تحقيقه عبر حمل الكاميرا باليد، دون ذكر المجهود الذي ستبذله لحمل الكاميرا لفترة طويلة.
جميع أنواع الترايبود الموجود في السّوق تقريباً مُناسبة لتصوير المُنتجات، لكن من الأفضل استخدام ترايبود يُمكّنك من حمل الكاميرا رأسياً لأسفل (Overhead tripod)، لتستطيع استخدامه في تصوير المُنتجات من الأعلى، أو اشترِ الذراع المُخصّص الذي يُمكّنك من تحويل أيّ ترايبود إلى ترايبود قادر على التصوير رأساً على عقب. هذا الشّكل مثلاً مُلائم جدّاً لتصوير المُنتجات:
- خلفيات التّصوير
لا تكتمل عُدّة تصوير المُنتجات دون مجموعة من خلفيات التّصوير (Backdrop) المتنوّعة؛ بدايةً من الخلفيّات الورقيّة مُتعدّدة الألوان، مروراً بالخلفيّات الذكيّة، وصولاً إلى الخلفيّات البانوراميّة المُنحنية (Cyclorama) الموضّحة في الصّورة أدناه. لا تُكلّف الخلفيات الكثير من المال، لكنّها تمنحك مرونة كبيرة في إظهار موضوعاتك بشكل احترافي أنيق.
إذا كانت ميزانيّتك محدودة، أو تقوم بالتّصوير في مواقع متعدّدة، فإن خيار صندوق تصوير المُنتجات (Photo light box) هو حلّ معقول جدّاً، يجمع هذا الصّندوق بين الخلفية والإضاءة بشكلٍ مُدمج، ويُمكن تفكيكه وحمله إلى أيّ مكان بسهولة. كما هو موضّح في الصّورة التّالية:
- الفلاشات
إذا كانت ميزانيّتك محدودة أو لا ترغب في استخدام فلاشات مُنفصلة (لتتمكّن مثلاً من التّصوير في أيّ مكان)، فستضطّر للاعتماد على فلاش الكاميرا. يُعطي الفلاش نتائج جيّدة، لكن بتكلفة أقلّ كثيراً، وأيضاً سيزيد من سهولة تحرّكك وسيمنحك مرونة أكبر في اختيار مواقع التّصوير بعيداً عن الأستوديو. الجمع بين الفلاش والضّوء الطّبيعي رُبما يكون أكثر من كافٍ لإنتاج صور مُنتجات شبه احترافيّة.
- الفلاشات والسوفت بوكس وعواكس الإضاءة
إذا كانت لديك ميزانيّة فائضة وترغب في الاستفادة من الإضاءة إلى أقصى حدّ، فإنّ أفضل ما يُمكن إنفاق أموالك عليه هو الفلاشات والسوفت بوكس وعواكس الإضاءة. تشغل هذه الأكسسوارات حيّزاً كبيراً في الأستوديو، وتحتاج الفلاشات والسوفت بوكس إلى مصدر كهرباء دائم (تتوافر بعض الأنواع التي تعمل بالبطاريات مؤخّراً)، لكنّها ضروريّة للحصول على أفضل ظروف الإضاءة للمُنتجات.
تُعتبر الفلاشات بديلاً أكثر احترافيّة لفلاش الكاميرا للحصول على ضوء صناعيّ قويّ يُمكنك التّحكم به بمعزل عن الكاميرا (للحصول على إضاءة جانبيّة أو خلفيّة مثلاً)، كما أنّها تُعدّ أكثر سطوعاً، والأنواع الجيّدة منها تمنحك خواصاً لونيّة أفضل للإضاءة، مثل درجة الحرارة اللّونيّة (Color temperature) ومقدار التّجسيد اللّوني (Color rendering index)، وهي عوامل تؤثّر كثيراً على جودة الصّور المُلتقطة.
التّصوير المُتعارف عليه للمُنتجات يحتاج إمّا إلى قتل الظّلال تماماً على سطح المُنتج، أو إظهار ظلال متساوية التّوزيع، ولإتمام هذا ستحتاج إلى الجمع بين السوفت بوكس وعواكس الإضاءة، يُستخدم إمّا السوفت بوكس ذو الشّرائط (Grid) أو السوفت بوكس المُصمت (كما هما موضّحان في الصّورة أعلاه)، للحصول على إضاءة ناعمة غير مُباشرة على المُنتجات المُختلفة (على سبيل المثال السوفت بوكس المخطّط هو الأفضل على الإطلاق لتصوير القناني الزّجاجيّة). وتُستخدم العواكس العاديّة أو عواكس V-flat للتّوزيع المثالي للظّلال أو لقتلها كما هو موضّح في الصّورة أدناه، كما يُمكن أيضاً استخدام العواكس السّوداء لامتصاص الضّوء والحصول على المزيد من الظّلال. كما تُستخدم العواكس الفضيّة لعكس أكبر كميّة مُمكنة من الضّوء.
- أكسسوارات أخرى مُهمّة
يُمكنك أيضاً شراء جهاز تحكم عن بُعد للتّصوير دون الحاجة للمس الكاميرا، سيُساعدك ذلك على التقاط صور أكثر ثباتاً ﻷنّك لن تضطّر إلى لمس الكاميرا حتّى لالتقاط الصّورة، وإذا كانت كاميرتك مزوّدة باتّصال واي فاي، على الأرجح ستتمكن من التّصوير عن طريق تحميل أحد التّطبيقات على هاتفك، والاستغناء عن شراء جهاز التّحكم عن بُعد.
أيضاً من الجيّد تواجد منفاخ هواء (Air blaster) وقطع تنظيف قماشيّة من الميكروفايبر، لإزالة ذرّات الغبار والشّوائب ومسح بصمات الأيدي عن المُنتجات، تذكّر أن أيّ آثار قد لا تكون مرئيّة على سطح المُنتج ستُكبَّر عدّة مرات بعد تصويرها بسبب الإضاءة القويّة والعدسات المُقرّبة.
أيضاً لالتقاط صور مُفعمة بالحياة وغير تقليديّة للمُنتجات، رُبمّا تحتاج إلى إضافة بعض العناصر للصّورة، على سبيل المثال: كرات ملوّنة، أعواد قشّ، نبتات صغيرة، بتلات زهور، أحجار، قطع خشبيّة.. إلخ. وجود هذه العناصر في الأستوديو قد يكون مهمّاً لالتقاط صور مثل هذه:
أخيراً، قد تحتاج إلى خيوط ودبابيس وحوامل تعليق للمُنتجات، بعض المُنتجات لا يُمكن تصويرها إلا مُعلّقة في الهواء للحصول على أفضل هيئة لها. وهُنا ستحتاج إلى استخدام مُخيّلتك لتعليقها والحصول على أفضل صورة لها.
في الختام، قد لا يكون تصوير المُنتجات نوعاً من أنواع التّصوير الفنيّ، فلن تجد على الأرجح صوراً لمُنتجات في معارض ومهرجانات التّصوير، ولا يعزو مصوّري المُنتجات صورهم إليهم كما يفعل فنانو التّصوير الآخرين. لكنّ تصوير المُنتجات يظلّ مجالاً دقيقاً يتضمّن الكثير من الابتكار واستخدام تقنيات التّصوير الجديدة وغير المألوفة.