هُناك مقولة شائعة بين المصوّرين -رغم أنها مثيرة للجدل بعض الشيء- تقول: “عدسة فائقة على كاميرا متوسّطة تُعطي نتائج أفضل من عدسة متوسّطة على كاميرا فائقة”، ولهذه المقولة الكثير من الدلائل المنطقية التي تدعمها في واقع الأمر. ورغم أنّنا لن نحاول الدّخول في الجدل حول هذه المقولة، إلا أن مجرد وجودها يوضّع الأهمية الفائقة للعدسة في الحصول على صور رائعة من الكاميرا.
عدسة واحدة لا تكفي أيّ مصوّر محترف، ويُمكنك التّأكد من ذلك إذا ما ألقيت نظرة على عُدّة التّصوير خاصة أيّ مصوّر. ستجد كاميرا واحدة أو ربما اثنين أو ثلاثة كحدٍّ أقصى، لكنّك ستجد الكثير من العدسات، كُلّ منها مُخصّص لاستخدام مُعيّن، وهو ما سنتحدث عنه هُنا بشيءٍ من التّفصيل.
العدسة الافتراضيّة
العدسة الافتراضيّة هي تلك العدسة التي تأتي مع الكاميرا بشكل افتراضيّ (في حال اشتريت كاميرا مع عدسة)، وهي في الغالب ستكون العدسة التي “تُجبر” على شرائها، ﻷنّ الشّركات المُصنّعة للكاميرات لا تُقدّم الكثير من الخيارات -أو لا تُقدّم خيارات إطلاقاً- في العدسات التي تُرفقها مع الكاميرات.
عندما تختار الشّركة المُصنّعة للكاميرا عدسة افتراضيّة فإنّها تضع في اعتبارها عدّة أهداف:
- تمكينك من استغلال معظم إمكانيات الكاميرا دون الحاجة لشراء عدسات إضافيّة.
- منحك عدسة يُمكن استخدامها بكفاءة متوسّطة لمُعظم اللّقطات وفي مختلف ظروف التّصوير. لهذا ستُلاحظ مثلاً أن العدسات الافتراضيّة جميعها عدسات مُتغيّرة البُعد البؤري وليست عدسات برايم للمزيد من المرونة للمصوّر.
- أن تكون العدسة منخفضة الثّمن كي لا ترفع من السّعر الإجمالي للكاميرا، لهذا ستُلاحظ مثلاً أنّ العدسة الافتراضية التي تأتي مع الكاميرا مصنوعة من البلاستيك بدلاً من المعدن المُميّز للعدسات الأكثر احترافيّة.
أكثر العدسات الافتراضية شيوعاً هي عدسات 18-55 ملم، لكن بعض العدسات الافتراضية أيضاً قد تأتي ببُعد بؤري 17-85 ملم أو 18-105 ملم أو 24-105 ملم أو 28-135 ملم أو حتّى 18-200 ملم.
هل العدسة الافتراضيّة سيئة؟ تعتمد الإجابة على هذا السؤال على احتياجاتك، فإذا كُنت مصوّراً لا تزال في بداية طريقك، فإن العدسة الافتراضيّة ستكون مُناسبةً جدّاً لك للتّعلم وستعمل معك بكفاءة في مُختلف أنواع ظروف التّصوير والمشاهد.
هل أشتري كاميرا دون عدسة افتراضيّة؟ أيضاً الأمر منوط بك هُنا، فإذا كُنت لا تزال تتعلّم التّصوير الفوتوغرافي، فإنّ العدسة الافتراضيّة ستفي بكافة احتياجاتك في البداية، وذلك حتّى تقوم بشراء أوّل عدسة احترافيّة مُتخصّصة لك. أمّا إذا كُنت قد قطعت شوطاً كبيراً في التّصوير، فأنت تُدرك بالطّبع العدسات التي تحتاجها، وسيكون شراء كاميرا بعدسة افتراضيّة مضيعةً للمال.
العدسة المُقرّبة
العدسة المُقرّبة (Telephoto lens) هي واحدة من أهم العدسات لأيّ مصّور مُبتدئ أو مُحترف، تمنحك العدسة المُقرّبة القدرة على استخدام ميزة التّقريب (الزّوم) ﻷن كاميرات DSLR لا تدعم التّقريب الرّقمي مثلما هو الحال في الهواتف المحمولة فقط.
تُستخدم العدسات المُقرّبة لتصوير العناصر البعيدة نسبياً (مثلاً تصوير الحيوانات البريّة والأحداث الرياضيّة)، كما يُمكن استخدامها بطريقة فنيّة لإخراج صورة تختلفة.
من أشهر الأبعاد البؤريّة للعدسات المُقرّبة 55-250 ملم و 55-300 ملم. وبشكل عام تُعتبر العدسات 55-135 ملم ذات تقريب منخفض، بينما تُعتبر عدسات 135-300 ملم ذات تقريب متوسّط، أما العدسات الأعلى من 300 ملم فتُعتبر ذات تقريب فائق.
العدسة ذات الزاوية الواسعة
العدسة ذات الزاوية الواسعة (Wide-angle lens) هي عدسة ذات بُعد بؤري أقل من 35 ملم، لهذا تمنح المصوّر مجال رؤية “أوسع”، تُستخدم هذه العدسة للحصول على لقطات ثرية تضم مجموعة واسعة من العناصر داخل كادر الصورة، وتُستخدم بشكل أساسي في تصوير المشاهد الطبيعيّة والمعالم والمباني والسماء والنّجوم، كما يُمكن استخدامها أيضاً في تصوير الديكورات والتّصوير الدّاخلي لمنح إحساس بالمساحة والرحابة في الصّورة.
أيّ عدسة ببُعد بؤري أقل من 35 ملم هي عدسة ذات زاوية واسعة، لكن هنُاك عدّة تصنيفات فرعية للعدسات ذات الزّاوية الواسعة:
- عدسة قياسيّة (Standard wide-angle lens): يتراوح بُعدها البؤري بين 24 ملم إلى 35 ملم، تسمح لك بالحصول على لقطات بزاوية واسعة لكن دون تحريف كبير في الصّورة (التّحريف هو حدوث اختلالات غير مرغوبة في أبعاد العناصر في الصّورة).
- عدسة ذات زاوية واسعة (Wide-angle lens): يتراوح بُعدها البؤري بين 16 ملم إلى 24 ملم، مُناسبة لتصوير المشاهد الطّبيعيّة وأيضاً المعالم واللاندسكيب والتّصوير في الغُرف الضّيقة. يكون التّحريف في هذه العدسات أعلى من سابقتها.
- عدسة ذات زاوية فائقة (Ultrawide-angle lens): يكون بُعدها البؤري أقلّ من 16 ملم، ويُطلق عليها أيضاً عدسة عين السّمكة (Fish-eye lens) ﻷنّ الصّور المُلتقطة عن طريقها تبدو وكأنّها تمثيل لما تراه السّمكة. يزداد التّحريف كثيراً في هذا النّوع من العدسات، ولهذا تُستخدم فقط في بعض الاستعمالات الخاصة، مثل تصوير النّجوم والسّماء.
عدسة البرايم مُقابل عدسة الزّوم
عدسة البرايم (Prime lens) على النقيض من عدسة الزّوم التي يُمكن التّحكم ببُعدها البؤري في النّطاق الذي تسمح به العدسة (عن طريق تدوير المُتحكّم بالبُعد البؤري الموجود على سطح العدسة الخارجي) هي عدسة ذات بُعد بؤري ثابت طوال الوقت. وبينما تمنحك عدسة الزّوم مرونة أكبر في تصوير مواضيع مُختلفة إلا أنّ لعدسات البرايم ميزات هامة تجعلها مُفضّلة للكثير من المصوّرين المُحترفين.
على سبيل المثال صور عدسات البرايم -بشكلٍ عامٍ- أكثر حدّة ووضوحاً حتّى في ظروف الإضاءة السّيئة، ومن السّهل إصلاح العيوب في الصّور المُلتقطة بواسطتها. أيضاً عدسات البرايم لا تضم أجزاءً مُتحرّكة وبالتالي تُعد أكثر اعتماديّة وأطول عمراً، كما أنّها أخف عادة من عدسات الزّوم وأقصر. وأخيراً تتمتّع مُعظم عدسات البرايم بتعرّض (Aperture) أسرع مما يجعلها العدسات المثاليّة لتصوير المواضيع فائقة السّرعة.
على الجانب المُقابل تمنح عدسات الزّوم المصّور المرونة في اختيار البُعد البؤري المُناسب للّقطة، وبالتالي تُعتبر مُلائمة لتصوير المواضيع الارتجاليّة (كتصوير حفلات الزّفاف أو الفعاليّات مثلاً). أيضاً تضم العديد من عدسات الزّوم مميّزات إضافيّة مثل استقرار الصّورة (Stabilization).
أما من ناحية الثّمن، فالمُفترض أن تكون عدسة البرايم أرخص ثمناً، ﻷنّها أبسط تركيباً ولا تحتوي على أجزاء مُتحرّكة، لكن بعض عدسات البرايم الاحترافيّة في الواقع تزيد أسعارها كثيراً عن مُعظم أنواع عدسات الزّوم متوسّطة المستوى.
عدسة الماكرو
عدسة الماكرو (Macro lens) هي عدسة مُتخصّصة نوعاً ما، لذا لن تحتاجها سوى في حالة كون تصوير ( الماكرو والمنتجات والاطعمة ) من بين اهتماماتك في التّصوير الفوتوغرافي. تتمتّع عدسات الماكرو بنسبة تكبير أعلى من 1:1 وتكون مسافة تركيزها البؤري قصيرة نسبياً.
عدسات الماكرو في الغالب تكون باهظة الثّمن، خصوصاً الأنواع الجيّدة منها، وبالتالي لا يُنصح بها إلا للمصوّر الذي قطع شوطاً كبيراً في التّعلم ولديه اهتمام بتصوير الماكرو.
في الختام، ليست هذه هي أنواع العدسات الوحيدة المُستخدمة في أوساط المصوّرين، لكنّها التّصنيفات الرّئيسيّة التي يحتاج كُل مصوّر مُبتدئ لمعرفتها، وكُلّ أنواع العدسات الأخرى تندرج تحت واحد من الأنواع المذكورة في هذا المقال.